السبت، 22 مارس 2008


هذا بيان للناس
----------------
(( لا أريد أن أعيش وحيدا فى هذا العالم ،
و لكن أريد أن أعيش فى عالمى وحدى ...))

حاولت غير مرة أن أراقب نفسى و هى تحب و تكره .. و هى ترضى و تسخط .. و هى ترغب و ترهب .. و هى تقدم و تحجم .. وهى تأمل و تخجل .. و هى تقترب من الناس و تبتعد عنهم ... و قارنت بين ما تفعله و يفعله الآخرون ، بين ما تقوله و يقولون .. بين ما تبرر به فعلها و ما يبررون ، فوجدت أن الجميع يدور فى فلك واحد ، ولكنها تعتقد و هم كذلك يعتقدون ، أنها تتميز عنهم و هم يتميزون ، و الحقيقة غير ذلك .

فكلنا لنا إطار واحد ندور داخله و قالب واحد نتحرك من خلاله ، ولكن المختلف هو الوسائل التى يمنحها الله لكل نفس ، حتى هذه الوسائل ليس لنا فيها خيار فهى مكونة من عناصر البيئة المحيطة بنا .. من ثم فنحن جميعا نمتلك نفسا واحدة تريد أن تعبرعن ذاتها و تسبح فى الكون من حولها ، ولكن السمكة التى وجدت نفسها فى الماء اخذت الاكسوجين الموجود فيه ، و الزهرة التى نبتت على الأرض فقد أخذته من الهواء .. أما الصخرة فقد اكتفت بالنظر له يتحرك من حولها .

كذلك عندما راقبت عقلى وهو يفكر و حاولت رصد توجهاته فى الموافقة و الاعتراض .. فى القبول و الرفض .. فى التفريط و الأفراط .. فى التحزب و الاستقلال .. فى التعصب و التسامح .. وجدت كل هذه المعانى يجمعها كذلك إطار واحد كلنا نتحرك داخله وينظمها عقد ثابت كأنه سياج يحذر علينا النظر من خلفه..

و أنت يا سيدى .. راقب نفسك عند قراءة كلماتى تلك ولا تراقب آراء من حولك فيها ، ابحث فى نفسك فقط عن معناها و لا تهتم باختلاف فهمك لها معهم ، و ما ذاك إلا أنك ستلقى لهذا المقال على بساطته تباينا عجيبا ستجد أن هذا الحديث يراه البعض ساذجا و قد يبدو لدى آخرين معقدا .. ستنظر إليه فئة على أنه تحررى ، و أخرى على أنه تكفيرى ... سيحسبه فريق من الناس على كلام الفلاسفة و يظنه الفريق الآخر ضربا من الهرطقة . كل هذه الانقسامات قد توحى لنا أن الناس لا يزالون مختلفين إلا ما رحم ربك .. و أننا لا ننتمى لنفس واحدة خلق الله منها زوجها و بث منهما رجالا كثيرا و نساء ..

و أنت يا سيدى - هداك الله - ما رأيك ؟؟ تريدنى أن أفسر لك الرأى و أوضحه .. نعم سأفعل ولا أكتمك سرا أننى ينتابنى قلق من عدم فهم هذه الأفكار لدى البعض ، و كل ما أرجوه من القارئ الكريم أن يراقب نفسه قبل قراءة المقال و بعد قراءته ، و أن تكون قراءته للقائم به مثنى و فرادى فقط و لا ينطلق به إلى ظل ظليل مع صحبه ليدرسوه فهذا من الأخطاء العقلية التى سنتحدث عنها خلال بسط المقال عن العقل و النفس ، كذلك عليه ألا يعزم حلا و لا عقدا إلا مع نفسه وحدها فهذا ما نراهن عليه فى سرده .. وهذا بيان للناس
والله من وراء القصد .
بقلم
أنور محمد أنور

ليست هناك تعليقات: