السبت، 15 نوفمبر 2008

القضية الفلسطينية

القضية الفلسطينية
ليست قضية .... وليست فلسطينية

كانت هيئة الإذاعة البريطانية BBC قد طلبت منى أن أدلى برأيي فى بعض القضايا المعاصرة فآثرت أن أكتب فى قضية قديمة حديثة ، تكلمنا وما زلنا وسنظل نتكلم عنها دهرا طويلا ، فلا هى تجد حلا ولا نحن نجد منها مفرا ، ألا وهى القضية الفلسطينية ، وأعلم أن ما سأقوله عنها لن يرضى العديد من الكتاب المعاصرين الذين نصبوا أنفسهم للحديث نيابة عنا ، والذى يبدو أن هذا البعض قد فهم صمتنا على أنه اقتناعا برأيهم أو سكوتنا على أنه تسليما بصحة معتقدهم ، ولكن الحق أننا توارثنا العديد من المسلمات التراثية تربينا عليها وتربت عليها الأجيال التالية وصارت من القوة بمكان بحيث يصعب معها المعارضة أو النقاش ، ولكن الأصل لن يعدم وسيلة للعودة مرة أخرى .
وأولى تلك المسلمات التى تربينا عليها هى حقنا فى القدس على أنه أولى القبلتين وثانى الحرمين ، وقد جرى الحديث على هذا الطريق بحيث يفهم العامة أن الدين هو الباعث على تلك العداوة لاستعادة الممتلكات ويبدو أن القائلين بهذا الرأى قد انطلقوا من الدين دون أن يفهموا عنه ولم يعد الدين لهم مرجعا فليس لديهم الوقت ولا العقل للنظر فيه . لكن بالعودة لهذا الأصل الأصيل من الدين سنجد الصورة مختلفة .
ففى العام الثالث قبل الهجرة وفى حادث الإسراء والمعراج نزل قوله تعالى : (( سبحان الذى أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذى باركنا حوله )) فقد سمى المولى عز وجل هذا المكان الجليل بالمسجد الأقصى ، وبعد الهجرة بستة عشر شهرا تقريبا نزل قوله تعالى : (( ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض )) النص صريح على أن المسجد الأقصى الذى ذكر قبلا هو ليس ملكا للمسلمين ولا قبلة لهم بل هو ملك لليهود و قبلة لهم وكان اتجاه المسلمين له فى بادئ الأمر لحكمة ذكرت نصا فى الآية (( وما جعلنا القبلة التى كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ... )) الآية وقد نص الشارع الحكيم مرة أخرى على ذلك (( ولكل وجهة هو موليها )) فليس بعد الحق إلا الضلال ،فالنص يقول صراحة أن المسجد الأقصى الذى لم يك قد بنى بعد هو قبلة اليهود ولم يكن لذلك منازع فى الأولين .
نحن هنا لا نقول من يدخل ومن يخرج من المسجد الأقصى ولكننا نتحدث عن هوية القضية ، فالذى يريد أن يبنى بناء يجب أن ينظر للأرض التى يقف عليها أولا ، ولا أريد للحديث أن يفهم على أنه تخلى عن المكان ، ولكن المسألة هى أننا يجب أن نحدد هوية التناول حتى لا نترك أرواحنا فى أيدى العابثين بها زاعمين أنهم يدافعون عن الدين وحدهم ويستشهدون ونحن واقفون جبناء لا نبذل للدين درهما ، و نصحو بعد ذلك فنجد أننا كنا نعيش وراءهم فى تأويل خاطئ ، ولذلك قلنا القضية الفلسطينية ليست قضية بمعنى أننا لا نعرف هويتها حتى ننطلق إلى حلها ، وليس فى ذلك حجبا لمن يقدم يد العون للفقراء المحتاجين منهم ، ولعل الغرب هم أصدق فى ذلك منا ذلك لانطلاقهم من جانب إنسانى واضح الأبعاد لا عن تضليل فكرى قديم ، وقد طلبت من هيئة الإذاعة البريطانية عمل استفتاء من الجانبين الإسلامي واليهودي ، ومؤداه :
هل ترى أن القضية الفلسطينية : 1- قضية دينية
2- قضية سياسية
بداية لنعرف عن أى نوع من القضايا نتحدث فالذين يرونها قضية دينية عليهم أن يأتوا من النص المشرع بيان حدود القضية وما هو رأى الدين فى هذا العداء وسبيل الحل له ، ولا أعتقد أن الدين من الطرفين ينص على عداء أو قتل إلا عند من يتأولون النص على هواهم وكثير ما هم ، أما من يرونها سياسية فعليهم ألا يقحموا الدين كلما عجزوا عن الحل كما هو الحال الآن وعليهم أن يروا الحل فى دولة واحدة تجمع الفريقين وهذا موجود فى كل دول العالم التى تضم كل الأديان وكل الأعراق فليس عجيبا أن تضم دولة فلسطينية واحدة جميع الأديان كما هو كائن بالفعل فى العديد من دول العالم ، أو أن يكون الحل فى دولتين متجاورتين لكل منهما دينه ومعتقده .
و إذا كان ذلك كذلك ولم نحدد بعد مفهوم القضية فنحن كذلك لم نحدد أنها فلسطينية فالمشكلة أيضا أننا لم نترك القضية لأصحابها حتى تحل بل تضافرت عليها العديد من الجهات الخارجية عربية وإسلامية ودولية فصارت ليست قضية فلسطينية بل عربية وإسلامية ودولية ، فأنى لنا أن نحلها طالما نحن نبحث عن تعقيدها وزيادة الأطراف المتناحرة فيها ، فالكعكة التى لا تقسم على اثنين كيف تقسم على خمسة أو عشرة فكل طرف يدخل فى النزاع يدخل بوجهة نظرة وبمصالحه مهما كانت نيته صالحة والمشاكل لا تحل إلا إذا قل عدد المتنازعين فيها وأهل مكة أدرى بشعابها .
ولا يطعن فى ذلك أن أحد الطرفين أضعف من الآخر فمهما زاد عاد المتداخلين فى النزاع فلن يقوى ذلك طرفا ضعيفا على طرف أو يعيد التوازن بينهما فسيبقى أحد الجانبين أقوى من الآخر وأعتقد أن الأيام أثبتت صحة هذا القول . ومن قال إن القوة هى الحل ! فليس هذا إلا عند من يريد أشعال الموقف واستمرار الحرب والنزاع ، ولنا فى المثال اليابانى والألمانى النموذج الصحيح فقد صارت هاتان الدولتان من القوى العظمى الآن ليس بالسلاح ولا صواريخ القسام بل إن العلم والعمل هما من حملا هاتين الدولتين للوصول للقمة ، ولم يستخدما القوة فى التفوق بل كان العلم هو السلاح الناجع .
وأعتقد أن من يضللوننا كل هذه الأعوام هم أعداء العلم والعمل معا ومن يريدون لنا البقاء فريسة الجهل والتخلف ، يريدون أن يظلوا فى أماكنهم يأتى لهم الطعام والرواتب دون عمل أو جهد منهم ، فهل يقول الدين ذلك ، وهم متسترون بالدين لعلمهم أن ذلك القناع هو الذى يحميهم ويبعد عنهم نظر العامة من الناس ولكن الحق أن الموروث القديم من العادات والتقاليد هو الذى يقود هذه التيار البارز على السطح ويفهمه الناس على أنه تيار دينى لكنه خليط من العادات البالية والتقاليد البدوية التى ظهرت بشكل يبدو للعامة على أنه هو الدين وليس هو كذلك على الأرجح ، وأرجو أن يفهم الكلام على صحيح معناه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت .
والله من وراء القصد
أنور محمد أنور

السبت، 18 أكتوبر 2008

آية .. وتفسير
قال تعالى : (( كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غمٍّ أعيدوا فيها ، و ذوقوا عذاب الحريق )) صدق الله العظيم سورة الحج 22
----------------------------------------
ليس تعقيبا على تفسير ولا تفسيرا بديلا لتفسير ، ولكنها ملاحظة وجبت وإشارة حقت ، حول هذه الآية الكريمة التى دار حولها المفسرون ، ووجدوا أن كلمة أعيدوا تقتضى أنهم خرجوا من النار فعلا فقالوا تفسيرا لذلك كما ورد فى الكشاف ( : معنى الخروج عند الحسن إن النار تعذبهم بلهيبها فترفعهم حتى إذا كانوا في أعلاها ضربوا بالمقامع فههوا فيها سبعين خريفا ) جـ 3 – ص 9 الكشاف – دار الفكر
والحق أن المحقق فى ذلك يرى أن التفسير ذهب وراء كلمة أعيدوا ، وهى عند الأعمش ردوا ، وهما يتفقان معنى على ما اتفقوا على تفسيره ، فكان الخلاف وراء معنى هل هم خرجوا من النار أم لم يخرجوا ؟ وطالما لم يخرجوا لقوله تعالى : (وما هم بخارجين من النار ) فكيف جاءت أعيدوا والإعادة تقتضى الخروج .
تساءل التفسير هل خرجوا أم لم يخرجوا ؟ وإذا كانوا لم يخرجوا فكيف أعيدوا .. والرأى أن التفسير أغفل كلمة أرادوا فهم لم يخرجوا ولكنهم أرادوا الخروج بمعنى تمنوا الخروج أو طلبوا ذلك . فكانت الإعادة لهذه الأمنية وهذا الطلب وليس للخروج الفعلى ، فكانوا كلما أرادوا أعيدت إرادتهم و أعيد طلبهم فهم أصحابها ( أصحاب النار ) معتقدين أن الخروج قد يكون أشد مما هم فيه ، فردت عليهم إرادتهم فيها ودليل ذلك قوله أعيدوا فيها ، فلم يقل أعيدوا إليها أى إلى النار فهم لم يخرجوا أصلا ، ولكنهم أعيدت أرادتهم فلم يطلبوا الخروج .
هذا والله أعلى وأعلم
- أ ن

الحجاج بن يوسف ج 1

(( اللـهم اغـفـر لى ...
فإن الناس يزعمون أنك لن تفعل ))
أردت – فيما أردت – أن أكتب نبذة تاريخية عن بعض مشاهير الشخصيات العربية التى دائما ما تدور حولها القصص الكثيرة والتى يحسبها البعض صحيحة ويطعن البعض الآخر فى صحتها وليس ذلك إلا عن عجب و إعجاب بها ؛ العجب من أفعالها والإعجاب من آثرها الباقية حتى اليوم ، وليس لدينا أفضل من الحجاج مثلا لبداية هذه السلسلة ، ذلك لما يشغله فى الذهن العربى ، فله من المعجبين الكثير وله من المبغضين أيضا ، الدارس الحاذق عليه أن يقف فى منتصف الطريق بينهما حتى يصل للحقيقة ، وسنحاول - كمنهج – أن نتبع الحدث التاريخى تفصيلا دون تعليق منا ، حتى لا نؤثر على القارئ ثم نجتهد معا للخروج بالمفهوم فى النهاية ، ونرجو المشاركة بالرأى .

ولد أبو محمد الحجاج بن يوسف الثقفى بن أبى عقيل بن الحكم الثقفى فى منازل ثقيف بمدينة الطائف فى عام 41 هـ و كان اسمه كليب ثم أبدله بالحجاج و أمه الفارعة بنت همام بن عروة بن مسعود الثقفى الصحابى الشهيد نشأ بالطائف و تعلم القرآن و الحديث و الفصاحة ثم عمل فى مطلع شبابه معلم صبيان مع أبيه يعلم الفتية القرآن و الحديث و يفقههم فى الدين لكنه لم يرض بعمله هذا على الرغم من تأثره به حيث اشتهر بتعظيمه للقرآن .
كانت الطائف تلك الأيام بين ولاية عبد الله بن الزبير و بين ولاية الأمويين لكن أصحاب عبد الله تجبروا على أهل الطائف فقرر الحجاج الإنطلاق إلى الشام حاضرة الخلافة الأموية التى تعثرت بعد مروان بن الحكم و صارت نهبا للمتحاربين و لعل سبب هذا التوجه البعيد هو بغضه لحكم عبد الله بن الزبير.
و فى الشام التحق بشرطة الإمارة التى كانت تعانى من مشاكل جمة منها سوء التنظيم و استخفاف أفراد الشرطة بالنظام و قلة المجندين فأبدى حماسة و انضباط و سارع إلى تنبيه أولياء الأمر لكل خطأ أو خلل و أخذ نفسه بالشدة فقربه روح بن زنباع قائد الشرطة و رفع مكانته و رقاه فوق أصحابه فأخذهم بالشدة و عاقبهم لأدنى خلل فضبطهم و سير أمورهم بالطاعة المطلقة لأولياء الأمور
لمس فيه روح بن زنباع العزيمة و القوة الماضية فقدمه للخليفة عبد الملك بن مروان و كان داهية مقداما جمع الدولة الأموية و حماها من السقوط فأسسها من جديد .
إذ أن الشرطة كانت فى حالة سيئة و قد استهون جند الإمارة عملهم فتهاونوا فكان مهموما لذلك و عندما أشار عليه روح بن زنباع بتعيين الحجاج وأسرف عليهم فى العقوبة و ضبط أمورهم و لم يعد فيهم لهو و لا تراخ حيث دخل عليهم الحجاج يوما وهم يأكلون فى عملهم فنهاهم فلم ينتهوا فأمر بهم فحبسوا و أحرقت سرادقهم فشكاه روح بن زنباع للخليفة فدعا الحجاج و سأله عما حمله على فعله هذا فقال إنما أنت من فعل يا أمير المؤمنين فأنا يدك و سوطك و أشار عليه بتعويض ابن زنباع دون كسر أمره .
و كان ابن مروان قد قرر تسيير الجيوش لمحاربة الخارجين على الدولة فضم الحجاج للجيش الذى قاده بنفسه لحرب مصعب بن الزبير و لم يكن أهل الشام يخرجون فى الجيوش فطلب الحجاج من الخليفة أن يسلطه عليهم ففعل فأعلن الحجاج أن أيما رجل قدر على حمل السلاح و لم يخرج معه أمهله ثلاثا ثم قتله و أحرق داره و انتهب ماله ثم طاف بالبيوت باحثا عن المتخلفين و بدأ الحجاج بقتل أحد المعترضين عليه فأطاع الجميع و خرجوا معه بالجبر لا الاختيار .....
يتبع فى العدد القادم

الأربعاء، 3 سبتمبر 2008

التخلى قبل التحلى

وأفاض صاحبى فى حديثه محاولا إقناع من يجادله ولكن هيهات أن يتحقق له ذلك ، فقلت هون عليك لا تسرف على نفسك لقد أسمعت لو ناديت حيا ! فقال أما من سبيل لإقناعه لقد بذلت له كل عقل ونقل فما له عنهما معرض وإن كان لم يقتنع بهما فبم يقتنع ؟ وكيف اقتنع بعكس ما أقول إن كان لا يملك منطق العقل ولا منطق النقل ؟
فقلت : البداية هى الحل . قال : زدنى . قلت البناء لا يتأسس على بناء آخر لابد من إزالة البناء القديم حتى تستطيع بناء غيره . المسألة لا تكمن فى وسيلة الإقناع لأنه أصلا لا يملك وسيلة الفهم فلا تتعب نفسك إن مشكلة العامة من الناس أنهم لا يفكرون فيما يقال لهم لذلك لا جدوى من حديث المنطق العقلى معهم والذين شحنوا عقولهم بهذه المغالطات لم يستخدموا منطق العقل بل أقبلوا على عقول فارغة من ثم لم يجدوا صعوبة فى شحنها بما يريدون أما ترى الشاب يقتل نفسه وهو مقتنع أنه ذاهب للجنة هل هذا فكر قبل أن يفعل ما فعل ؟؟ كلا انه الفراغ العقلى الذى من السهل أن تشحنه بما تريد مهما كان الشحن فاسدا أو لا يصدقه عقل أو منطق بهذا المبدأ تقنع المرأة بما تريد وتقنع الشاب بما تشاء لا قيد ولا حدود لما تذهب إليه بهما
إنها قاعدة فلسفية مشهورة (( التخلى قبل التحلى )) أى إذا أردت أن تتحلى بصفات جديدة يجب أن تتخلى عن الصفات القديمة لا تستطيع أن تملأ الكوب إذا كان ملآنا يجب أن تفرغه أولا ثم تملأ الكوب بما تريد أنت حاولت أن تملأ عقل صاحبك بشيء وعقله قد فاض بالأفكار الفاسدة فكيف يستقبل المزيد أما سمعت قول المجنون :
أتانى هواها قبل أن أعرف الهوى
فصادف قلبا خاويا فتمكنا
أن القلب الفارغ عرضة لأى حب جديد يقابله لكن القلب الذي يمتلئ بالحب ليس لديه مكان لحب جديد فقد انغلق على حبيبه وبقدر امتلاء الحب منه يكون ضعفه أمام الحب الجديد .
إن العامة من الناس ليست لديهم القدرة على استيعاب هذه الحقائق لذلك فهم عرضة لكل هاتف أو داع يلهثون وراءه وهذا الداعى يدرك مدى جهلهم وسذاجتهم وفراغ عقولهم فيندفع فى شحن عقولهم بمسلمات يقذفها فى قلوبهم تسكت العقل وتلغى المنطق فلا يجد بعدها صعوبة فى أن يأمرهم بما يريد حتى بأوامر لا تعقل ولا تصدق وتجد منهم التلبية السريعة والتصميم المتحجر والاندفاع المشحون وكأنهم يصدرون عن قناعة أو منطق ولكنهم عن العقل بعيدون ومن المنطق مستترون .
إن الحل يا عزيزى يكمن فى التخلى قبل التحلى قبل أن تعطيهم يجب أن تأخذ منهم لأنهم يمتلكون الكثير من الرأى الفاسد الذى يفسد كل ما يرد إليه ولن يتغلب عليه لأنه راسخ فى بديهياتهم و مسلماتهم ويجب أن يتم التخلى طواعية بإرادتهم هم لا بأمر منك فأنت مهما أمرتهم فلن يستجيبوا لقولك لأن عقيدتهم راسخة فى الجهل ليس من السهل انتزاعها .
قال صاحبى وهو بين المتفائل والمتشائم لا أفهم هل من الممكن ذلك أم من الصعوبة بمكان أن نحققه ؟ قلت الأمر يحتاج إلى وقت وصبر وعلم ؛ الوقت لأن ما بنى فى سنين لن تهدمه فى أيام والصبر لأن ما تقوله سيجد أمامه لجاجة فى الفهم ومماطلة و مقاومة من رؤوس الفساد لا تخفى عليك والعلم لأنه السلاح الذى به تتقدم على عدوك .
وأهم ما يجب أن تبدأ به أن يكون التخلى منهم لا منك هم الذين يجب أن يدركوا أخطاء ما قيل لهم ويضعوا أيديهم عليها بمساعدتك وفى كل يوم ينهدم فيه حجر من البناء القديم عليك أن تضع مكانه لبنة فى البناء الصحيح وفى كل لحظة تسقط فيها ورقة من شجرة الحقد عليك زراعة وردة فى جنة الحب . وليكن العلم والصبر ذراعيك اللتين تبنى بهما الحب والأيمان ،، وأكمل لك فيما بعد ..
والله من وراء القصد
أنور محمد أنور

الجمعة، 22 أغسطس 2008

المقال فيما لا يقال

تحدثت كثيرا عن ثنائية الشكل و المضمون و هى ثنائية تفرض نفسهاعلى كل المستويات و ذلك أن خلق الإنسان نفسه جاء جامعا لهما فلا عجب أن تخرج الأفكار من خلال هذه الثنائية و قد ذكرت من قبل أن المضمون هو مقصد المشرع حيث كان المضمون هو مناط التمييزللإنسان فسجود الملائكة لآدم لم يكن لشكله أو لمادته التى صنع منها بل كان للشيء الذى حوله لمضمون متميز عن سائر المخلوقات( فإذا سويته ونفخت فيه من روحى فقعوا له ساجدين ) فالسجود لم يكن للشكل بل كان للمضمون ، وهذا المعنى واضح وصريح وبديهى و لكن يغفل عنه البعض و هذا ما يسبب أخطاء فى تناول العديد من الموضوعات .
و أنت واجد كذلك النصوص مؤكدة على ذلك و قد ذكرنا طرفا منها و هى أكثر من أن تحصى ، و السؤال اليوم عن سبب العدول عن هذا الوضوح و الصراحة و البديهية إلى الطرق الملتوية اللاهثة وراء اللفظ تارة أو الشكل أخرى و الجواب عن ذلك على محورين :
أما أحدهما فالركون إلى الدعة و الكسل و التواكل فالشكل يحقق لك هيئة خاصةلا معنى وراءهاو هى خير من التعب وراء المضمون الحقيقي .فإذا سألت مثلا عن السبيل التى تجعل منى مؤمنا قلت لى : هى أمور عديدة من الإخلاص و العدل و الصدق و الأمانة .. إلخ و عددت لى أموراً كثيرة هى مضمون الإيمان و مراده . عند ذلك أعلم أن السبيل صعبة . فأبحث عن آخر لأسأله فيقول : ما عليك إلا أن تطيل لحيتك و تلبس جلبابا أبيض قصيراً بذلك تكون مؤمناأمام الناس فيعجبنى هذا القول الذى يحول صورتى فقط و هو ما يريح ضميرى أمام نفسى و الناس .
بذلك المنطق الشكلى عبد الناس الأصنام و تركوا عبادة الله الواحد ، فالأصنام قدمت لهم عبادة شكلية فيها كل صور الطاعة من صلوات وصدقات وهى فى الوقت ذاته خاوية من المعنى الحقيقى للعبادة .
و قد ضرب الله لنا مثلا للباحثين عن الشكل وما لاقوه من تعب و جهد و هو بقرة بنى إسرائيل فهى قصة فيها حكمة بالغة كانت وراء تسمية السورة كلها بهذا الإسم تعظيما للدروس المستفادة منها فبنى إسرائيل لهجوا وراء الشكل و تركوا المعنى المراد عندما قال لهم موسى ( إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة ) فلم يذهبوا وراء المعنى المراد بل لهثوا وراء اللفظ ، فكان نتيجة ذلك تعب و عناء و ذم من الله ، و هذا المثل رغم وضوحه وضعه المشرع لنتعلم منه و لكننا اليوم نسير مسير بنى إسرائيل و لم نتعلم من الدرس . و هناك أمثلة أخرى لبنى إسرائيل الباحثين عن الشكل و ليس المعنى و هو المنهج الذى حذر منه الشارع فهناك حديثهم مع موسى عن اتخاذ إله من الحجر بعدما عبروا البحر معه وعبادتهم للعجل فهم لم يفهموا حقيقة المعنى و أكثر ما أخافه اليوم أن نكون غافلين عن هذه الموعظة القرآنية لاهثين وراء مجد دنيوى زائل أو هوى شخصى
المحور الثانى أن الاهتمام بالشكل هو باب عظيم للخلاف و ليس عكس ما يقال بأن التمسك باللفظ هو لتحقيق المراد فاللفظ يحقق لك فرصة كبيرة لإخراج الهوى الشخصى فى تفسير اللفظ كما تريد و الدليل أنك واجد الأحاديث النبوية منقولة بالمعنى أمااللفظ فهو للرواة من الصحابة فلست تجد حديثا واحدا متفقا على لفظه بل لكل حديث عشرات الألفاظ فكيف نذهب للتعصب للفظ هو فى الأصل غير موحد أو متفق عليه أن التمسك المطلوب لابد أن يكون للمعنى المراد أو للمضون الهادف من وراء اللفظ لا للفظ لذلك كما ذكرت أن اللفظ هو باب عظيم للخلاف و هذا ما يحدث لنا اليوم إذ أن الخلاف ليس للتوسعة بل للتعصب و إعجاب كل ذى رأى برأيه إلى حد التكفير فلو كان الخلاف الحادث من باب التوسعة و الرحمة بالناس لكان فى ذلك كل الخير لكن الخلاف اللفظى الناشئ اليوم هو بغرض أن أثبت صحة مذهبى و خطأ الآخرين و هذا ما عنينا بقولنا فى البداية أنه باب عظيم للخلاف حيث أن هناك فارقا بين الاختلاف و الخلاف فالأول نكون معا على حق و الثانى أكون أنا فقط على حق و أنت على الباطل و ليت الأمر يقتصر على ذلك بل لابد من أن تغير رأيك أو أقاتلك .و بعد فإن الدعوة الحقة هى للاختلاف معا و ليس للخلاف و ليس صحيحا أن رأيا واحدا هو المراد فلو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة و لا يزالون مختلفين وحتى لو كان ذلك كذلك فمن يملك التحديد لهذا الحكم المطلق
إن التوسعة على الناس فى الآراء و التطبيقات هى مقصد الشرع و ما جعل عليكم فى الدين من حرج و لو كان العكس هو المراد لأنزل الله من السماء آية ظلت أعناقهم لها خاضعين .

و الله من وراء القصد أنور محمد أنور

السبت، 22 مارس 2008


هذا بيان للناس
----------------
(( لا أريد أن أعيش وحيدا فى هذا العالم ،
و لكن أريد أن أعيش فى عالمى وحدى ...))

حاولت غير مرة أن أراقب نفسى و هى تحب و تكره .. و هى ترضى و تسخط .. و هى ترغب و ترهب .. و هى تقدم و تحجم .. وهى تأمل و تخجل .. و هى تقترب من الناس و تبتعد عنهم ... و قارنت بين ما تفعله و يفعله الآخرون ، بين ما تقوله و يقولون .. بين ما تبرر به فعلها و ما يبررون ، فوجدت أن الجميع يدور فى فلك واحد ، ولكنها تعتقد و هم كذلك يعتقدون ، أنها تتميز عنهم و هم يتميزون ، و الحقيقة غير ذلك .

فكلنا لنا إطار واحد ندور داخله و قالب واحد نتحرك من خلاله ، ولكن المختلف هو الوسائل التى يمنحها الله لكل نفس ، حتى هذه الوسائل ليس لنا فيها خيار فهى مكونة من عناصر البيئة المحيطة بنا .. من ثم فنحن جميعا نمتلك نفسا واحدة تريد أن تعبرعن ذاتها و تسبح فى الكون من حولها ، ولكن السمكة التى وجدت نفسها فى الماء اخذت الاكسوجين الموجود فيه ، و الزهرة التى نبتت على الأرض فقد أخذته من الهواء .. أما الصخرة فقد اكتفت بالنظر له يتحرك من حولها .

كذلك عندما راقبت عقلى وهو يفكر و حاولت رصد توجهاته فى الموافقة و الاعتراض .. فى القبول و الرفض .. فى التفريط و الأفراط .. فى التحزب و الاستقلال .. فى التعصب و التسامح .. وجدت كل هذه المعانى يجمعها كذلك إطار واحد كلنا نتحرك داخله وينظمها عقد ثابت كأنه سياج يحذر علينا النظر من خلفه..

و أنت يا سيدى .. راقب نفسك عند قراءة كلماتى تلك ولا تراقب آراء من حولك فيها ، ابحث فى نفسك فقط عن معناها و لا تهتم باختلاف فهمك لها معهم ، و ما ذاك إلا أنك ستلقى لهذا المقال على بساطته تباينا عجيبا ستجد أن هذا الحديث يراه البعض ساذجا و قد يبدو لدى آخرين معقدا .. ستنظر إليه فئة على أنه تحررى ، و أخرى على أنه تكفيرى ... سيحسبه فريق من الناس على كلام الفلاسفة و يظنه الفريق الآخر ضربا من الهرطقة . كل هذه الانقسامات قد توحى لنا أن الناس لا يزالون مختلفين إلا ما رحم ربك .. و أننا لا ننتمى لنفس واحدة خلق الله منها زوجها و بث منهما رجالا كثيرا و نساء ..

و أنت يا سيدى - هداك الله - ما رأيك ؟؟ تريدنى أن أفسر لك الرأى و أوضحه .. نعم سأفعل ولا أكتمك سرا أننى ينتابنى قلق من عدم فهم هذه الأفكار لدى البعض ، و كل ما أرجوه من القارئ الكريم أن يراقب نفسه قبل قراءة المقال و بعد قراءته ، و أن تكون قراءته للقائم به مثنى و فرادى فقط و لا ينطلق به إلى ظل ظليل مع صحبه ليدرسوه فهذا من الأخطاء العقلية التى سنتحدث عنها خلال بسط المقال عن العقل و النفس ، كذلك عليه ألا يعزم حلا و لا عقدا إلا مع نفسه وحدها فهذا ما نراهن عليه فى سرده .. وهذا بيان للناس
والله من وراء القصد .
بقلم
أنور محمد أنور

أنت بلا حدٍّ...

تلاهيت حتى صار لهوى إلى الجد
فياليت قبل الموت أصبو إلى الرشد
و قد كنت حرا قبل أن أعرف الهوى
فخلفّنى طول المحبة كالعبــــــد
فتصحو على ماء الظنون مقاصدى
و أمسى على ماء الشجون بلا قصد
و عشت على وهم لا ترى العين غيره
أنقل ّ أشواق الفؤاد مع الورد
أراود قلبى خلف كل تحية ٍ
أسائل عنها . و السؤال بلا رد
رمانى زمانى بالغرام و ليته
مع الود ألقى ما يصون من الود
و كل فؤاد يحمل العشق ساعة
يعيش إلى يوم القيامة يستجدى
فلا تحسبن الدهر يكرم عاشقا
إذا كان لايرضى نصيبا من الخلد
و لست و إن عاد الزمان بنادم
على الحب إلا ما ظهرت من الوجد
فإن كان فى قرب الأحبة مغنم
فإنى أرى كل المغانم فى البعد

يز يد هواها حين أخلو بذكرها
و كل ٌُّ له حد ّ . و أنت بلا حدّ
و مهما رأت عينى سواك فما رأت
فكل بديل عن جمالك لا يجدى
و لولاك لم أعرف متى النجم غارب
و كيف دموع العين تجرى على الخد
سأذكر منك الشعر و الليل و الهوى
و نظرة حب كنت أبصرها وحدى
فلا تحرمينى رؤية البدر كلما
سهرت وحيدا . فالنجوم بلا عد
تسابقت و الأيام حتى ظننتها
ستختم آمال الأحبة من بعدى
و عدت إلى ربى .. فإن دعاءه
يهون ما أخفى ، و يضمر ما أبدى

شعر :
أنور محمد أنور

الاثنين، 17 مارس 2008

عندما تتكلم الالهة و يصمت الله

إن الحلال و الحرام هو حكم من الله القادر العالم و هو وحده جل جلاله صاحب هذا الحكم و لا ينازعه فيه غيره لكن ما يحدث فى هذه الأيام أن فئة من الناس استأثرت بهذا و زعمت أنها هى التى تحل و تحرم كما زعمت أن الله تكلم قديما و لم يعد يتكلم و انقطع الوحى وأصبحوا هم محط التحريم و التحليل ، كل هذه الأحكام الغريبة قيلت واندفع الناس خلفها عن جهل أو عن كسل عقلى و هو ما سميته فى مقالاتى التفكير بالوكالة حيث يتوانى البعض عن التفكير و يعطى غيره توكيلا ليفكر بدلا منه و هذا منتشر عندنا اليوم .

أن الجهل الذى يصيب العامة و حب التسلط الذى يسيطر على البعض و يزعمون أنهم أصحاب الحل و العقد فيتكلمون بدلا عن الله فيحلون و يحرمون و من ورائهم طائفة تستغل هذه الحالة من سذاجة الجمهور و تسلط الالهة الجدد لينالوا المال و الجاه و السلطة ساخرين من هؤلاء الالهة و ممن يعبدونهم .

إن قسوة الحديث هى الباعث على النهضة و الخروج من هذه الحالة المعقدة فهى دعوة لهؤلاء أن يتخلوا عن حب السيطرة و دعوة لهؤلاء لنبذ الجهل و الكسل العقلى أما أولئك المستغلون فعليهم أن يرحموا هؤلاء و هؤلاء
و الله من وراء القصد ....أنور